ضجيج .

٦:٠٠ مساءً

أدوّن هذه الكلمات على ظهر ورقةٍ يضجّ وجهها بالحِسابات والأرقام والمعادلات وأوجهٍ عابسة رسمتها كلما سئمت.. يجتاحني شوقٌ عارم للكتابة.. ربّما لأنني مُشتّتة ؛ ولا شيء يلتقِطُ شٍتاتي بقدر الفُصحى.. ليس ضرورياً أن أبدأ في لُبِّ الموضوع، فَبِمجرّد أن أُمسك قلماً وأخطُّ هذياناً -ربما لا يستوعبه عاقل- يُزاح نصف الثقل عن صدري ، وينزاحُ النصف الآخر إذا تناولت قطعة شوكولا وأنا أهذي على ورقتي كما أفعل الآن..

حتّى كتابتي غَدَت ركيكة ، لا يُهِم.. تذكّر أنّك تقوم بعملية "تضييع الوقت" بقراءتك لِتدوينة فتاة تحاول استيعاب الحركة التوافقية في الفيزياء ، هاه حذّرتك.


أودُّ أن أتصالح مع نفسي ، كنت أجلدها مراراً لِتستجيب لِأوامري.. والآن ، هي من تفعل..
يُحطّمني جداً كوني مؤخراً أتّبعُ كل ما تهواه نفسي..
أعوذ بالله! جملتي الأخيرة ذكّرتني بـ"
وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ" :(
الخبر السيّء أنني أتحوّل تدريجياً إلى كائن لا يهتم لشيء ويحبّ أن يتعدّى مقاييس الإهمال. والخبر السعيد أنّني أخيراً استيقظتُ فجر اليوم وأنا مرعوبة من الأمر! الرعب مفيد يا جماعة ، الرعب هو الذي يجعلكم تذاكرون وتكدحون رهباً –غالباً- من المستقبل أو أيٍ كان –لم أجد مثالاً أقرب مما أعيشه- . على أيّ حال.. أخشى أن تقودني نفسي لأبعد من مجرد ترك المذاكرة والنوم أكثر من اللازم. استعيذوا بالله من أنفسكم الأمارة بالسوء..
قرأت ليلة البارحة اقتباساً ليتني لم أقرأه. أكاد لا أُمضي ساعة من يومي إلّا تذكرته وتفكّرت فيه. الاقتباس يقول أشياء غريبة جداً ، ذيّلها كاتبها بهذه الجملة "ما ضيرك أيّها الرب لو كنت موجوداً لتستمع إلى مشاكلي؟"
!!!!!!!!

أليس كلاماً مُخيفاً؟ أعلم أنّ الملحدين كُثر وأنّ عباراتهم في مواقع التواصل كالنار في الهشيم لكن المُخيف يا جماعة أنّ صديقةً لي أرفقت هذا الاقتباس تحت جملة "اقتباس أحبه" !
هل كانت جادّة؟ هل تشعر صديقتي بوعكة صحيّة؟ ربما عقليّة!
بتُّ أخاف كثيراً.. ألم تشعر صديقتي ومؤلف الاقتباس نفسه بوجود أحدٍ يسمعهما عندما يبوحان بمشاكلهما؟ 
{ قَالَ لَا تَخَافَا إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى }

كم أُشفق على من لا يشعر بوجود الله! ألم يلحظ أحدٌ طِوال حياته أنّ هُناك رؤوفٌ يرأف بحاله حين يضعُف؟ يعطف عليه إذا بكى؟ يجبر قلبه بعد تحطّمه؟ لو فقد شيئاً وظنّ أنه انتهى يجِد أكثر مما فقد؟ لو وَهَنَ وخارت قواه وحسِب أن لن يقِف مجدداً يشعر بقوّة تدفعه للأمام؟ ألم يلتفِت يوماً إلى الأشياء يتقلّب حالها فجأة وفق ما يتمنّى بمجرّد أنّه أغمض عينيه ورفع رأسه إلى السماء راجياً؟ حتى لو لم يفكّر هو يرجو من أصلاً! أوّل القُرب إلى المُجيب الرجاء!
ألم يتفكّر في كل تلك الآمال التي بناها وترقّب قدومها حتى إذا ما تحطّمت فجأة فضاقت عليه الأرض بِما رحبت ثم اكتشف أنّ كل ما حصل كان خيراً له!
لا أعلم إن كانت تلك الصديقة تقرأ ، لكن آمل أن يهديها الله ويهديني أولاً.

يالضجّة المكان! تذكّرني تدوينتي بخصائص الشعر الجاهلي ؛ عشرات المواضيع في آنٍ واحد.

أوه هذه الورقة الثالثة التي أكتب على ظهرها مُتجاهلةً ما تحوي من الخُزعبلات الفيزيائية.
هُناك تكملة باقية للشتات الذي حدّثتكم عنه. أعرف فتاةً تجلس دائماً على زاوية الممر منتظرةً شيئاً.. لم أسألها يوماً ولم تشكُ لي طول صبرها ؛ لكنني أرى في عينيها ترقّباً لشيءٍ ما.. تُرى ما الذي تنتظره؟ ما الذي يمنعها من الفرح حتى يأتي المُنتظر؟ عجيب.. هل يصوم الإنسان عن السعادة لأنّه ينتظر إفطاراً دسِماً يُسعده؟ يجب أن يعلم الجميع أنّ الفرح ليس ممنوعاً في الطريق إلى أي فرحٍ آخر.
آه أخشى أن أكون أهذي كالعادة. هل يفهم أحدٌ ما أقول؟
كثيراً ما أتحدّث إلى أحدهم بحماسٍ حتى أنتبه إلى تعبيرات وجهه الباردة فأكفّ عن التحدث بتلك الإثارة. يصبح حديثي أبرد من تعبيرات وجهه. لكني لا ألومه لأنني لا أفهم الناس كما لا يفهمونني.

تذكّرت شيئاً.. أذكّركم أنتم ونفسي بضرورة إيقاف التوقع والتفكير في القادم. ولا أزيد شيئاً على هذا.

هل أنهيتَ عملية تضييع الوقت هُنا؟ حسناً أنا آسفة لوقتك. يجب أن أُظهر جانبي المُراهق بين الفينة والأخرى. لا أحد يحبّ المثالية أليس كذلك؟

تعليقات

  1. أنا أفهمك جدًا؛ أهذي بأشياء تشبه هذه حين أقضي شهرين في مذاكرة نفس الأشياء التي قد تبني حلمًا أو تهدمه، أعشق حرفك وأغبطك جدًا -ما شاء الله- على قدرتك على الحديث بكل شيء، أنا عادةً أفكر كثيرًا هكذا ولكن حروفي تلجمني أو أن الموضوع لا يتعدى محادثة. لي حديث معك بإذن الله 💗

    ردحذف
  2. أقفُ على كُل حَرفٍ تخُطه يَدكِ لأدرْك أن صَديقةً لي كآدت أن تُصبح أجملُ كاتِبة في عَيني "غَدير بدر حُروفكِ الجميلة تُعزز في أحشائي أنه لآ مُستحيل ما دام العَقلُ سليم"🙇💙.

    ردحذف
  3. غَدير تكتبين الجَمال "
    ادامكِ الرَحمن ..

    ردحذف
  4. تكتبين كأنكِ لست انتِ ! أسأل الله ان يوفقك في دراستك بعد ان انهكتِ نفسك في الهذيان ، صاحبة الاقتباس اخبريها بالمعنى المكنون وراء الاقتباس ، ربما اعجبها شكل صاحب الاقتباس وانطلقت وراءه ، دليها للطريق الصحيح عافاك الله.

    ردحذف
  5. ايعقل ان يكون هناك ثمة حرف.. يصاغ بأسلوب اكاد لا اصدق أنني اعرف كاتبه وانه قربب من قلبي؟.
    وماذا لو كان الحرف ذاك كأمن يخاطبني؟ وكأنه يقول أن انتبهي لذاتك وماتئول إليه ذاتك..
    من تمرد في العلم ومجارات لهوى النفس !
    لعلي يجب أن اقبل جبينك وجبين من احسن تربيتك!
    لا اخفيك امرا! حروفك صابتني كسهم مؤلم، جريحه ينزف دما، يبحث عن حضن يبكي عليه حسرة وألم على ماضاع من عمره دون أن ينتبه لذاك السهم !!
    غدير: لا اعلم ماخطته مشاعري قبل قليل، أمفهومة، أم حروف مبعثرة كالكلمات المقطعة؟!
    عموما يامن اشتقنا لآثرك: أتمنى أن تكون حروفك تلك التي اشبعتني بالطاقة الإيجابية ، أن تغرقك أنت داخلها أيضا فتجدين لمذاكرتك كل الجمال والسعادة،
    دعواتي القلبية للرحمن مرفوعه مغلفة بخالص النية، بأن يغدق ربي توفيق ونجاح يصدمك من عظمته♥
    بارك الرحمن مسعاك، ووفقك لكل خير ~

    ردحذف
  6. غدير مممم!
    تكتبين جمال ، أظننا بحاجةٍ للهلوسة خلف الأوراق!
    لا بأس الأمرُ ليسَ كذا فقط أشعرُ أن الحرف يجدد همة المذاكرة أيضاً!
    ضجيج؟ أظنكِ أخطأتِ التسمية هذه المرّة يجب عليكِ ان تقولي سُكون ...
    أحببتُ حرفكِ ليت‌َ لي مثله!
    بارك الله بقلمك ونفع بكِ الأمة.
    كونِ بخير

    ردحذف
  7. جميل جدًا ما خطته يداك .. لقد فهمت كثيرًا من كلماتك ، فهذه الأفكار المبعثرة تراودني أيضا كلما هممت في المذاكرة أو انعزلت بنفسي لبرهة .. تمتلكين أسلوبا رائعا في صياغة هذه الأفكار وعرضها لنا في أسطر براقة كهذه .. واصلي إبداعكِ وفقكِ الله

    ردحذف
  8. أباركُ لي ولنفسيْ بـ أنّ المرَة الأولىْ لقراءةِ مدوّنةِ أنثى ـ تَشاركنيِ الجينَات الأنثويّة أقلّه ـ بهَا كلّ هذ الجمالِ الذي أتمنّى أن يكونَ مشتَركا ـ في يومِ ما عظيمِ ـ بيننا .



    كونيِ علىْ غيماتِ جمالٍ ماطرَة روحكِ !

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

وداع ونجوم وقطّ أسود - مذكرات

عشيّـة